Sunday, November 24, 2019

حاكم يحدد الأولوية لصالح خير الأمة فوق المصلحة

حاكم يحدد الأولوية لصالح خير الأمة فوق المصلحة

الخبر: في حفل افتتاح كبير في إسطنبول، صرح الرئيس أردوغان فيما يتعلق بضحايا التقاعد المبكر أن البعض "متمسك بفكرة التقاعد المبكر". حيث قال: التقاعد المبكر كان هو السبب في إفلاس جميع الدول الإسكندينافية. التقاعد المبكر، لماذا؟
وأضاف أردوغان مصرحاً أن هذه المعادلة هي معادلة سيئة وشريرة ومؤذية، "لن نفعل ذلك مع حسابات سياسية. أنا أخبر أصدقائي: لا تشجعوني أبداً على السير بهذه الطريق. سأفعل أي شيء لصالح أمتي، ولن أخوض في أمر ضار بالأمة وبلادي. حتى لو خسرنا الانتخابات". (وكالات الأنباء، 2019/11/16م)
التعليق:
إذا كان حكام دولة ما يسرقون أشياء الناس ويعتقدون أنهم يستحقون ذلك لأنفسهم، ويستندون بذلك إلى القانون، إذن يمكن للمرء أن يقول إن هذا هو نفاق النظام والحكام. الحكام الذين يجعلون مسألة التقاعد جزءاً من سياستهم كما يفعلون بكل قضية أثناء الانتخابات، لا يمتنعون أبداً عن تجاهل وعودهم، والكلمات بعد الانتخابات، كما هي عادتهم. إن العديد من الحكام والإداريين تقاعدوا في سن مبكرة للغاية، هم متعنتون عندما يتعلق الأمر بالناس ويدعون أن هذا النوع من الممارسة سيؤثر سلباً على الاقتصاد، حتى لو كان هذا صحيحاً، فإن الأمور التي يقومون بها تتناقض مع أقوالهم. إن ادعاء أردوغان بأن الدول الاسكندينافية قد أفلست بسبب التقاعد المبكر يدل بوضوح على التلاعب بشكل فوضوي بعقول الناس. إن القول بأن الدول الاسكندينافية، التي دخل الفرد القومي الإجمالي فيها أعلى بكثير من تركيا، قد أفلست بسبب التقاعد المبكر، هو خداع إن لم يكن جهلاً.
بالطبع نحن لا نتحدث عن الحاجة للتقاعد هنا. إنها حقيقة أن الرأسمالية تظلم الناس حقوقهم وتحرمهم حقهم في الرعاية الصحية ووعود التقاعد، من خلال الاستحواذ على جزء من الأرباح التي عمل الناس من أجلها لسنوات. لكن من المحتم أيضاً أن تجعل الناس الذين يتصرفون ويفكرون في التقاعد، يؤدي هذا التفكير إلى نشوء مجتمع كسول. ومع ذلك، فإن الحكام الذين يسيطرون على النظام، لا يمانعون أبداً في التضحية بعمل الناس، فضلاً عن الشعب من أجل مناصبهم. هذا الموقف هو في الوقت نفسه مؤشر لموقفهم من أبناء شعبهم.
ولما كان الحال هكذا، فإن تصريح أردوغان حول فعل أي شيء لصالح الأمة وعدم الخوض في شيء ضار بها، هو على بعد سنوات ضوئية من الحقيقة. إن مصلحة المجتمع في بلد مسلم، هي التطبيق الكامل لشرع الله. أما في نظام يتم فيه وضع شرع الله جانباً، فلا فائدة من أي ميزة يمكن اعتبارها ميزة.
خصوصاً، حقيقة أن الحكام الذين وصل الشر حتى حناجرهم، يلهون الناس بمصالح دنيوية بسيطة، هي أكبر ضرر. ما نوع المنفعة التي حققها الحكام، الذين يجعلون من الربا محركاً أساسيا في كل مجالات الحياة بينما يحظره الإسلام بشدة، ويدفعون عشرات المليارات من الدولارات إلى جماعات الضغط والبنوك سنويا، ويضعون نسب ربا تتوافق مع ما يقوم به الناس من أعمال، لمعرفة المجتمع من الناحية الفقهية والمالية؟ ألا يعتبر ذلك ضاراً للناس عند شطب مليارات من ديون TL الضريبية الخاصة بالشركات والأندية الرياضية الضخمة، وقمع الناس بهامش الربح والضرائب؟ أي نوع من المنفعة يقدمها هؤلاء الحكام للناس، الذين يتوقعون حياة فائقة الترف لأنفسهم ويستخدمون كل وسائل الدولة لمصالحهم الخاصة؟
بمعنى آخر، ما نوع الفائدة التي يتم توفيرها للناس من خلال الرواتب التي يحصلون عليها، والأماكن التي يعيشون فيها، والمركبات وأماكن العمل التي يستخدمونها، والموظفين المعينين، والإمكانيات والمدفوعات التي لا تحصى؟ وأي مصلحة تقدم للناس في جعل القمار والخمور والزنا مشروعة في حين توجد نصوص قطعية في تحريمها، وجعل هذا الحرام علنيا أمام أبناء الشعب بفرض ضرائب عليهم؟ عزيزي أردوغان! كم هو حقيقي أن تدعي أنك تقف إلى جانب الناس في حين إن هذه القسوة والشرور تضر علانية بدين الناس ودنياهم، وهذا كله يتم بأيديكم!
وما هي الفائدة التي جلبها نظامك الديمقراطي للمسلمين، النظام الذي استوردته من الغرب عدو الإسلام والمسلمين، النظام الخرافي الذي ما زلت تصر على تطبيقه؟ أنت تدعي أنك صديق للكفار، ولكن هم من يأتون إلى بلادنا يصولون فيها ويجولون يذبحون ويقتلون ويدمرون، هل تسمي ذلك خيرا للمسلمين؟! بالتأكيد، لا يعد حقاً أي من هذه السلوكيات التي يحظرها الله، بغض النظر عن مدى منفعتها في الحياة الدنيا...
يجب على الحاكم الذي يفكر في مصلحة شعبه أن يكون من خلال التفكير بتطبيق أحكام الله وليس من خلال تطبيق الكفر والديمقراطية. هذا حق لله على عباده بالمعنى الدنيوي والأخروي، وهو مسؤولية الحكام.
النظام الإسلامي هو النظام الوحيد الصحيح والذي سيحل جميع المشكلات بما يتماشى مع الطبيعة البشرية. في حين إن هذا هو المصلحة الكبرى بالمعنى الأخروي، فإنه يوفر أيضاً المصلحة الكبرى بالمعنى الدنيوي من خلال ضمان الاحتياجات الأساسية لجميع الناس، وكونه نظاماً يشجع الإنتاج، يضمن مكافأة المنتجات دون الاهتمام بعمل الناس. لا تعطِ الأولوية للشعب، أعط الأولوية للحق؛ ولا تعط الأولوية للمنفعة بل أعط الأولوية للصلاح في الحقيقة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد سابا
  28 من ربيع الاول 1441هـ   الموافق   الإثنين, 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2019مـ

No comments:

Post a Comment