Wednesday, January 12, 2022

جريدة الراية: لعبة المحاور تخدير للأمّة وإلهاء عن تحقيق أهدافها

 

جريدة الراية: لعبة المحاور تخدير للأمّة وإلهاء عن تحقيق أهدافها

 

9 من جمادى الثانية 1443هـ   الموافق   الأربعاء, 12 كانون الثاني/يناير 2022مـ

شنّ أمين عام حزب إيران في لبنان حسن نصر الله هجوماً عنيفاً على السعودية، واتّهمها بأنّها أرسلت آلاف الإرهابيين من أتباع الفكر الوهابي الداعشي لتنفيذ عمليات إرهابية في العراق وسوريا، كما اتّهمها بأنّها شنّت حرباً على الشعب اليمني المظلوم طوال السنوات السبع الماضية، وأنّها تسير مع أمريكا التي تدعم الإرهاب.

وردّت السعودية على اتّهامات نصر الله فنفتها واصفة إيّاها بالافتراءات، واتّهمت بدورها حزب إيران بأنّه حزب إرهابي.

وسادت الوسط السياسي والإعلامي في لبنان والخليج حالةٌ من اللغط والمُهاترات شارك فيها سعد الحريري ونجيب ميقاتي وآخرون من السعودية والإمارات.

إنّ ادّعاء حسن نصر الله بأنّ حزبه وإيران ونظام بشار والحوثيين في اليمن وحركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين يُمثّلون محور الممانعة والمقاومة الذي يُواجه كيان يهود هو ادّعاء زائف، لأنّ إيران لم تُقاتل كيان يهود يوماً من الأيام، وإنّما تقاتل مليشياتها ومنها ما يسمى بفيلق القدس زوراً وبهتاناً في سوريا والعراق واليمن وأفغانستان وفي أي مكان إلا القدس وفلسطين، وأمّا حزب إيران في لبنان فهو مُنذ سنة 2006 لم يدخل أي معركة حقيقية مع كيان يهود، بل إنّه تسبّب في مجيء قوات اليونيفيل العازلة بين لبنان وكيان يهود، وقاتل أفراده قتالاً شرساً في سوريا دعماً لنظام المجرم بشّار الأسد، وتفاخر نصر الله بأنّه مُستعد لإرسال مائة ألف مقاتل من حزبه لإخماد ثورة أهل الشام.

فأي مقاومة وأي ممانعة هذه التي لا يقاتل أفرادها إلا أبناء المسلمين؟! وأي ممانعة هذه التي يدعم مدعوها أعتى الأنظمة الجبرية المجرمة كنظام بشار؟!

وإذا كانت السعودية تخدم المصالح الأمريكية - وهذه حقيقة - فإنّ محور المقاومة هو أيضاً يخدم المصالح الأمريكية، وذلك عبر دعم النظام العميل لأمريكا في سوريا الذي أدخلت أمريكا روسيا إلى سوريا للمساعدة في الإبقاء عليه.

وإذا كانت السعودية تشن حرباً ظالمة في اليمن، فهل الحوثيون والذين يدعمونهم في طهران يشنّون حرباً ناعمة فيها؟!

إنّ طرفي الحرب العبثية في اليمن يتحملون معاً المسؤولية كاملة عنها وعما نتج عنها من كوارث ومآسٍ بحق الشعب اليمني، ولا يُستثنى أي طرف منهما من تحمّل المسؤولية، فالسعودية كالحوثيين وكالنظام الإيراني سواء في إشعال هذه الحرب العدمية التي لا تخدم إلا الأجندة الأمريكية المتمثلة في مد النفوذ الأمريكي، والتكالب الاستعماري على المنطقة من خلال اصطناع الحرب المذهبية والطائفية.

ثم إن أمريكا تبحث عن الذريعة المناسبة لتفعيل قانون جاستا الذي يقضي بتعويض أسر 850 من القتلى الأمريكيين في أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر سنة 2001 بمليارات الدولارات من السعودية، وها هو نصر الله يعطيها الذريعة فيقول بأنّ السعودية ترسل الإرهابيين من الوهابيين والدواعش، حسب زعمه، لتنفيذ أعمال إرهابية في العالم، وهو بذلك يؤكد التهمة الأمريكية ضد السعودية ويثبتها لتضطر إلى دفع الأموال لأمريكا وفقاً لقانون جاستا، وبذلك فهو يُقدّم أفضل خدمة لأمريكا.

ومن جهةٍ أخرى فإذا كانت السعودية تقف ضد محور المقاومة والممانعة المزعوم بحجة أنها تسير مع أمريكا والغرب في سياساتها، فهل مصر والأردن وسلطة محمود عباس غير تابعة لأمريكا والغرب؟ وهل هذه الدول أصبحت ضمن محور المقاومة؟ فلماذا لا يتهمها نصر الله بالخيانة والعمالة كما يتهم السعودية؟

أم لأنّ مصر تدعم نظام بشار حليف نصر الله، وترعى مخابراتها مفاوضات حماس والجهاد مع حركة فتح وهي بذلك قد خرجت من محور أمريكا؟

أم لأنّ الأردن يجري مباحثات مع نظام بشار لتطوير التعاون الاقتصادي بينهما لتقوية النظام المتهالك؟

أم لأنّ سلطة عباس أرسلت جبريل الرجوب وعزام الأحمد وروحي فتوح لزيارة بشار الأسد وهي بذلك تقدم أكبر هدية له؟

ألا يعلم نصر الله بأنّ السلطة التي تقوم بحملات عسكرية في جنين وفي غيرها نيابة عن قوات الاحتلال، وذلك وفقاً لاعترافات قادة كيان يهود ومنهم رئيس أركان الكيان أفيف كوخافي، هي مُجرد ذراع أمني لجيش الاحتلال؟ فلماذا لا يُصنّفها ضمن حلف أمريكا والصهيونية كما يُصنّف السعودية؟!

فبماذا تختلف هذه الأنظمة المنبطحة جداً لأمريكا وللغرب ولكيان يهود عن النظام السعودي؟ ولماذا يُنعت النظام السعودي بالتبعية للغرب ولأمريكا ولا تُنعت باقي الأنظمة العربية بذلك، علماً بأنّها كلها من الطينة نفسها؟!

إنّ هذا التقسيم الذي يدعيه حسن نصر الله هو تقسيم كاذب وزائف، لأنّ جميع الأنظمة العربية سواء في العمالة والخيانة ومعاداة شعوبها، ولا فرق بين نظام بشار ونظام آل سعود ولا بين نظام تبون في الجزائر ونظام الملك محمد السادس في المغرب، ولا بين النظام في لبنان والنظام في السودان.

إنّ ما يدعيه حسن نصر الله يدخل فقط ضمن لعبة إيجاد المحاور لتخدير الأمّة وتضليلها وحرفها عن تحقيق أهدافها الحقيقية.

بقلم: الأستاذ أحمد الخطواني

No comments:

Post a Comment