Sunday, April 26, 2020

حديث الصيام ح3 ح4

حديث الصيام ح3 ح4

حرمة دم المسلم
روى مسلم حدثنا يعقوب الدورقي حدثنا هشيم أخبرنا حصين حدثنا أبو ظبيان قال: سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: «يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟» قال: قلت يا رسول الله: إنما كان متعوذا، قال: فقال: «أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟» قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
أيها المسلمون:
ما بالُنا نرى اليوم القتل قد استحر بين المسلمين أنفسهم؟ كيف يقتل المسلم أخاه المسلم وهو ينطق بالشهادة ويصلي ويصوم وربما كانا يجاهدان معا في نفس الخندق؟ أهكذا هو الإسلام أيها المجاهدون في الشام؟! كيف طاب لكم العيش بقتل بعضكم بعضا؟! ألم يصلكم نبأ غضب رسولكم الكريم لفعل أسامة بن زيد؟! كيف سيكون طعم الجهاد في جبهات القتال إذن؟ كيف تجتمع أكبر طاعة ذروة سنام الإسلام مع أكبر معصية - القتل بغير حق -؟! وقتل من؟! قتل المسلم لأخيه، وأين؟! في ساحة قتال الأعداء. هل بعد هذا الذنب من ذنب؟! ألا يكفي الأمة ما أصابها من ضياع بسقوط خلافتها؟
حديث الصيام ح4
الصابرون أهل لنزول النصر عليهم
يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: 214]
لقد من الله على المؤمنين بأن جعل ابتلاءهم سنة من سننه الثابتة، والابتلاء اختبار وامتحان، يبلوكم بالخير منحة منه ليشكر المؤمنون ربهم، ويبلوهم بالمضار ليصبروا وليختبر معادنهم، ويجعلهم أهلا لنزول النصر عليهم، والله تعالى يصطفي من يكرمه بالابتلاءات في الدنيا اصطفاء، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ مِنَ النَّاسِ»، قَالَ: «يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ فِي بَلائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ، فَلا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الأَرْضِ وَمَا لَهُ خَطِيئَةٌ» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا نوع من البلاء يختبر الله تعالى به خاصة أوليائه ليمحو عنهم خطاياهم فلا يلقونه إلا وهو عنهم راض، وأما الابتلاء الذي في آية البقرة فهو من نوع أعلى درجة، ومن مطلب أدق، ابتلاء يبتلي الله به خاصة من المؤمنين يصطفيهم ليكونوا أهلا لنزول النصر عليهم، ذلك النصر الذي به تمكين للدين، وإعزاز للإسلام، واستخلاف للمؤمنين في الأرض يبدلهم الله بعد خوفهم أمنا، وبعد جورهم عدلا، فيكونون نواة لإقامة دولة الحق والعدل والنور دولة الإسلام، ليعم الأرض خير هذا الدين، فكان اصطفاؤهم من بين الخلق، وامتحانهم بأشد أنواع الابتلاء، ذلك الذي وصفه الله تعالى بأنه يبلغ بهؤلاء الصفوة مبلغا يمسهم فيه بالبأساء، وبالضراء حتى تتزلزل أركانهم، وتشتد كرباتهم، وتستمر الشدة حتى لا يجد المؤمنون ملجأ من الله إلا إليه، فيتساءل صفوتهم: متى نصر الله! متى وقد بلغ بنا السيل الزبى، واختبرنا في هذا الدين حتى استشهد منا من اصطفاه الله بالشهادة، وهدمت بيوتنا، وتقطعت أوصالنا، وبذلنا الغالي والنفيس عن طيب نفس في سبيل الله لا نرجو إلا مرضاته، وها نحن وحالنا كما وصف الله تعالى: زلزال وبراميل متفجرة، واجتماع قوى الشر في العالم كله ضدنا، يريدون إطفاء نور الله الذي أشرقت به سماء الشام، واختارنا الله من بين خلقه لنكون حملة مشعل تطبيق شريعته في الأرض، وأبينا أن نرفع إلا راية رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم نرض قائدا للأبد إلا سيدنا محمدا عليه صلاة الله وسلامه، ويأبى الله إلا أن يتم نوره بنا، وصبرنا على آلامنا، واحتسبنا عند الله تعالى كل ما فقدناه، لأننا نعلم أن ما عند الله تبارك وتعالى هو خير وأبقى، فأي شرف عظيم اختارنا الله تعالى له، ليتم بنا نوره ولو كرهت أمريكا، ولو رجمتنا روسيا بصواريخ حقدها، ولو ألقى علينا نظام بشار النصيري كل براميل الدمار في الأرض ولو جمعت لنا إيران كل ما لديها، فإننا بإذن الله لن نحيد عن أن نكون جنود الله بهم ينصر دينه، ولو ابتلينا في هذا الأمر ما ابتلينا، فأبشروا أيها المسلمون بأن أعمالكم وتضحياتكم وشهداءكم وما لحقكم من أذى في جنب الله، وأن صبركم واحتسابكم كل ذلك إنما هو لغاية عظيمة ومهمة جليلة اصطفاكم الله تعالى بها من دون خلقه، فأنتم أهل لها وأنتم بكم يتم الله تعالى نوره، فانصروا الله ينصركم واعتصموا بحبله المتين ولا ترتجوا من غيره العون والنصر، واصبروا على ما ابتلاكم به واحتسبوا، والله تعالى هو خير جار لكم، ألا إن نصر الله قريب، ألا إن نصر الله قريب.
والحمد لله رب العالمين
  2 من رمــضان المبارك 1441هـ   الموافق   السبت, 25 نيسان/ابريل 2020مـ

No comments:

Post a Comment