Tuesday, January 28, 2020

جريدة الراية: مرابطو الأقصى بحاجة إلى جيوشكم وليس إلى ابتهالاتكم فقط!

جريدة الراية: مرابطو الأقصى بحاجة إلى جيوشكم وليس إلى ابتهالاتكم فقط!

  4 من جمادى الثانية 1441هـ   الموافق   الأربعاء, 29 كانون الثاني/يناير 2020مـ
انتشرت دعوات دولية للمشاركة في حملة حول العالم، لأداء صلاة الفجر، في مساجد مركزية، تضامناً مع المرابطين في المسجد الأقصى بمدينة القدس، التي تئن من دنس يهود، ودعت عدد من المؤسسات في تركيا وبعض الجمعيات التي تدعي تضامنها مع الشعب الفلسطيني، دعت إلى المشاركة في صلاة فجر يوم الجمعة الذي سمي بفجر الأمل، نصرة لأهل القدس، وذلك في مسجد الفاتح بمدينة إسطنبول. كما دعا فريق وعد المقدسي في الكويت إلى تلبية نداء (الفجر العظيم)، الذي انطلق من المسجد الأقصى، والمشاركة في صلاة الفجر يوم الجمعة في العاصمة الإندونيسية جاكرتا. فهل الصلاة والدعاء هي الطريقة الشرعية لاستنقاذ الأقصى من براثن يهود؟ وهل هذه الأعمال واقعياً تؤدي إلى نصرة المرابطين بالأقصى، وهل بها تتحرر القدس؟
وقبل الإجابة عن هذين السؤالين، لا بد من الإشارة إلى مكانة القدس، والمسجد الأقصى في الإسلام؛ فالمسجد الأقصى هو القبلة الأولى للمسلمين، وهو أيضاً مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول المولى سبحانه وتعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، هذه المكانة هي التي جعلت المسلمين في عهد الخلافة الأولى يعزمون على فتح القدس، وتطهير المسجد الأقصى من النصارى، وقد حققوا ذلك في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي استلم المدينة في سنة 15هـ، والقصة معروفة للجميع، وظل الأقصى وما حوله، وبلاد الشام في يد المسلمين، حتى استولى عليها الصليبيون خلال حروبهم الصليبية على الإسلام عام 492هـ، الموافق 1099م، فقتلوا آلاف المسلمين، وعاثوا في الأرض فساداً، ولكن المسلمين لم يستسلموا، وإنما كانوا يعدون العدة لإعادة القدس ومسجدها إلى حظيرة الإسلام، وظلت الحرب سجالاً بينهم وبين الصليبيين حتى استطاع القائد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، أن يحرر القدس بعد حصار طويل في 27 رجب 583هـ، الموافق 2 تشرين أول/أكتوبر 1187م. وهكذا لم تخرج من سلطان المسلمين إلا ما يقارب 91 سنة، ثم عادت إلى حضن الإسلام وحصنه. وقد حاول يهود أيام ضعف الدولة العثمانية إغراء الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني رحمه الله، بالمال مقابل أن يسكن يهود الأرض المقدسة، ووقتها كانت الدولة في أشد الحاجة للمال، ولكن الرجال لا يبيعون مقدساتهم بالمال، فقال قولته المشهورة: (لعمل المبضع في جسدي أهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من جسد الأمة، فإنها ليست ملك يميني، فقد رواها المسلمون بدمائهم، فليحتفظ اليهود بملايينهم، فإذا سقطت دولة الخلافة يوما، فيمكنهم أن يأخذوها بلا ثمن)، وقد صدق الرجل رحمه الله، فقد أخذت فلسطين بلا ثمن عندما هدمت دولة الخلافة، واليوم بيت المقدس والمسجد الأقصى تحت حراب يهود، وقد مضى على هذا الوضع أكثر من سبعين سنة، عاث فيها يهود فساداً في الأرض المقدسة، وما زالوا، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى بأن هذا الفساد سيكون منهم، يقول جل شأنه: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً﴾، وسنة الله أنه كلما أفسد يهود في الأرض سلط عليهم عبادا مخلصين، وإن شاء الله سيسلط عليهم جند الخلافة الثانية الراشدة على منهاج النبوة القائمة قريباً بإذن الله، مصداقاً لقوله سبحانه: ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾، وها هم قد عادوا للفساد والإفساد، واحتلوا أرض المسلمين، بل الأرض المقدسة، وتأذى منهم حتى الشجر والحجر، بعد أن نكلوا بالمسلمين من أهل فلسطين.
ونعود للإجابة عن السؤالين، فإن الدعاء والصلاة ليستا الطريقة الشرعية لتحرير بلاد المسلمين المحتلة، وأولها وأعظمها الأرض المقدسة والمسجد الأقصى المبارك. ثم إن الواقع يؤكد أن الصلاة والدعاء وحدهما بلا عمل جدي لتحرير الأقصى لن يحررها، بل هو تخدير ومحاولة للتنصل من المسئولية الكبرى المناطة بالمسلمين في هذا الزمان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن النصر لا يكون إلا بالإعداد الذي قاله المولى عز وجل في كتابه: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أضعف حالات جنده في غزوة بدر لم يكتف بالصلاة والدعاء ليرد كيد قريش، بل لم يكن الدعاء إلا بعد الإعداد، فالسيرة النبوية العطرة تحدثنا كيف أن النبي عليه الصلاة والسلام، أعد الجيش ورتبه، وحدد قواده، ثم بعد ذلك رفع يديه إلى السماء يطلب من ربه العون والمدد والنصر، لذلك فعلى الذين يدعون لحملة عالمية لصلاة الفجر، عليهم أن يدعو جيوش المسلمين لتحرير الأقصى إن كانوا جادين في التضامن مع مرابطي الأقصى. ولكننا نعلم أن هذه الجيوش مكبلة بقيود العملاء حكام المسلمين الذين خانوا الله، وخانوا رسوله، وخانوا الأمة، فإنا موقنون أن الأقصى لن يحرره عميل خائن باع نفسه للشيطان، كما لن يحرره مَن وجه سلاحه إلى صدور أبناء الأمة، وانخرط في مشروع الغرب الكافر في الحرب على الإسلام.
إن الذي سيحرر القدس والمسجد الأقصى، بل وكل بلاد المسلمين المحتلة، إنما هي الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي بشر بها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً: «... ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، وهي الخلافة التي يعمل لها رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وإقام الصلاة، يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار، عسى أن يمن الله عليهم بالنصر، وإقامة الخلافة التي ستوحد جيوش المسلمين فتحرر الأقصى، مصداقاً لبشارة النبي صلى الله عليه وسلم: «...تُقَاتِلُكُمُ اليَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَقُولُ الحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي، فَاقْتُلْهُ» رواه البخاري. لذلك فإن الطريق إلى الأقصى أيها الإخوة الكرام؛ أصحاب الحملة العالمية للتضامن مع مرابطي الأقصى، يبدأ بالعمل مع العاملين لإعادتها خلافة راشدة على منهاج النبوة حتى يتحرر الأقصى، هذا هو الطريق ولا طريق غيره إن كنتم صادقين.
بقلم: الأستاذ إبراهيم عثمان أبو خليل
 الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

No comments:

Post a Comment