Saturday, August 29, 2015

خبر وتعليق: تفاقم محنة اللاجئين ووفاة المئات غرقا

خبر وتعليق: تفاقم محنة اللاجئين ووفاة المئات غرقا

الخبر: لا يزال آلاف اللاجئين عالقين في غرب البلقان في أوضاع مزرية بسبب غلق دول غرب أوروبا الغنية أبوابها دونهم. وتعاظمت مأساة الحالمين ببلوغ "الفردوس" الأوروبي بمقتل عشرات منهم غرقا في سواحل ليبيا واختناقا بشاحنة في النمسا.
وقال مراسل الجزيرة محمد البقالي إن لاجئين يتكدسون في محطة قطار بالعاصمة المجرية بودابست، ووصف ظروف إقامتهم المؤقتة هناك بالصعبة.
وأضاف أن اللاجئين - ومعظمهم سوريون قدموا إلى غرب البلقان عبر تركيا ثم اليونان - يتعرضون لملاحقة الأجهزة الأمنية على الحدود بين صربيا والمجر.
كما أن السلطات المجرية لا تسمح لمن تمكن منهم من بلوغ أراضيها من التوجه بالقطار نحو ألمانيا. وكانت السلطات المجرية أقامت جدارا من الأسلاك الشائكة على حدودها مع صربيا، وهي بصدد تعزيز هذا الجدار كي يستحيل تخطيه.
من جهته، قال مراسل الجزيرة أحمد بشتش إن أعدادا أخرى من اللاجئين تعاني من ظروف صعبة في صربيا المجاورة للمجر رغم أن الحكومة الصربية أكدت أنها ستعمل ما في وسعها لمساعدتهم.
وأشار إلى أن الحكومة المجرية اتهمت الدول المجاورة بترك اللاجئين يتدفقون إليها كي تتخلص منهم.
وكان آلاف اللاجئين قد تدفقوا في الأيام القليلة الماضية على اليونان ومنها إلى مقدونيا وصربيا. ويحاول هؤلاء الوصول إلى المجر لينطلقوا منها نحو بلدان غنية في غرب أوروبا على غرار ألمانيا والسويد والنرويج.

التعليق: لقد أصبح الهرب واللجوء سمة من سمات شعوب العالم العربي والإسلامي. فغاية الغايات لدى شعوبنا باتت هي التمكن من الوصول إلى بلد أوروبي يستطيعون اللجوء إليه حتى لو أدى هذا إلى فقدان أحد أو بعض أفراد العائلة في سبيل الوصول إلى هناك. فقد توالت وتتابعت القصص عن عائلات من اللاجئين الذين يهربون من بلدانهم مثلا كخمسة أشخاص ولكنه ينتهي بهم الأمر إلى الوصول إلى أوروبا بعد أن فقدوا أحد أو بعض أفراد العائلة، ليصل الباقون إلى أوروبا ويعيشوا بحزن أبدي على فقدان من فقدوا وتذكر ما حل بهم عبر قطع البحار والأنهار والغابات، والجوع والعوز والذلة وفقدان الإنسانية. أزمات نفسية ومادية وإنسانية جسيمة يقضون معها بقية حياتهم في معاناة وألم وحزن وبؤس.
أما الأزمة الأخرى التي يتعرض لها اللاجئون فهي المعاملة السيئة التي يتعرضون لها في دول أوروبا والكراهية الشديدة التي تنتهجها أوروبا ضد الإسلام والمسلمين. فسرعان ما يعي اللاجئون إلى أوروبا من المسلمين أنهم غير مرحب بهم ولا بعاداتهم ولا بدينهم ولا بقيمهم في أوروبا. وسرعان ما تبدأ الدول الأوروبية التي لجأوا إليها بمساومتهم عن دينهم مقابل احتضانهم في المجتمع وإلا سيبقون معزولين مذمومين، فإذا ما اختار اللاجئون المسلمون التمسك بدينهم وعقيدتهم فإن العنصرية تزداد ضدهم محاكاة لتنامي الكره ضد الإسلام والمسلمين يوما بعد يوم في دول أوروبا.
والحاصل أن الذي دفع المسلمين للجوء إلى دول أوروبا هو ظلم حكام العرب والمسلمين لشعوبهم وحرمانهم من أبسط أنواع الحقوق التي يتمتع بها البشر، هذا علاوة عن الحروب التي أصابت بلدان العالم الإسلامي جراء الثورات على حكامهم وجراء دعم دول الغرب لحكام العرب والمسلمين.
إن الحقيقة المرة التي يتناساها اللاجئون هو أن حكامهم الذين أمعنوا في ظلمهم ما هم إلا صنيعة تلك الدول التي يلجأون إليها هم فرارا من أولئك الحكام. فمن الذي أتى بحكامنا في العالم العربي؟ أليس الإنجليز والفرنسيون بعد اتفاقية سايكس بيكو؟ ثم جاء الأمريكان بعد ذلك ونازعوا الإنجليز والفرنسيين على ولاء هؤلاء الحكام العملاء.
إن الحقيقة التي يجب أن يدركها اللاجئون على كثرة مصائبهم، أنهم يلجأون إلى أوروبا وأمريكا من ظلم حكام العرب والمسلمين فهم كالذي يستجير من حر الصحراء بدخوله إلى النار كما قالت العرب: كالمستجير من الرمضاء بالنار.
ولكن ما الذي جعل الأمة الإسلامية، التي أعزها الله بالإسلام وبنبي هاد وبشرع حنيف يتحول أبناؤها إلى لاجئين ومتسكعين في دول أوروبا وأمريكا؟ ألم تكن الأمة الإسلامية مركز الحضارات والثقافات؟ ألم تكن الدولة الإسلامية ملجأً لمن لا ملجأ له؟ ألم تضع الأمة الإسلامية أساسات العلم والحضارة للعالم أجمع؟ ما الذي حدث حتى نموت غرقا في البحار للوصول إلى دولة من دول أوروبا؟
أسئلة واستفسارات كلها تقودنا إلى غياب الراعي والجامع والموحد لأمة محمد والحاكم بكتاب الله وسنة نبيه الكريم؛ الخليفة الراشد، القائم بأمر الله والراعي لأمة محمد عليه الصلاة والسلام. لا بد أن نعود إلى حكم الإسلام وإلى دولة الإسلام التي تطبق شرع الله وتوفر أساسيات الحياة الكريمة والعدل ورضوان الله في الآخرة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور فرج أبو مالك
15 من ذي القعدة 1436
الموافق 2015/08/30م

No comments:

Post a Comment