Tuesday, June 8, 2021

جريدة الراية: الغلاء نتاج طبيعي في ظل الأنظمة الرأسمالية

 جريدة الراية: الغلاء نتاج طبيعي في ظل الأنظمة الرأسمالية

 

28 من شوال 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 09 حزيران/يونيو 2021مـ

قاد عدد من الناشطين على مواقع التواصل الإلكتروني عبر مجموعات حملات لمقاطعة اللحوم بشقيها وأشاروا إلى ضرورة تنفيذ المقاطعة في أقرب وقت ومحاربة الجشع والطمع اللذين أصبحا سمة واضحة بين كل التجار حسبما جاء عبر حديثهم، وأكدوا أن استجابة الناس لتلك المقاطعة ستجعل أصحاب الملاحم يتراجعون عن أسعارهم. الجدير بالذكر أن سعر اللحم الضأن قفز إلى 2500 جنيه كما وصل سعر اللحم العجالي إلى 2000 جنيه، وأكد الرشيد صاحب ملحمة الإخوان بأبوسعد أن الأسعار تمضي في زيادة وربما يصل الضأن إلى خمسة آلاف قبل عيد الأضحى المبارك. (وكالات: نبض السودان).

هذه ليست المرة التي تتم فيها مثل هذه الحملات لمقاطعة اللحوم جراء ارتفاع أسعارها ففي 7 أيلول/سبتمبر، 2019 أطلق ناشطون سودانيون على شبكات التواصل مبادرة لمقاطعة اللحوم في ظل ارتفاع أسعارها بشكل كبير في البلاد وغياب دور الدولة في مراقبة الأسواق. وكانت المبادرة بعنوان "سودانيون ضد الغلاء"، وتضم تحت رايتها عددا من المثقفين والناشطين في العمل الطوعي، لدعوة الناس إلى مقاطعة السلع كإحدى الآليات لمحاربة الغلاء. وحددت المبادرة الفترة الفاصلة بين 5 و15 أيلول/سبتمبر من تلك السنة، لمقاطعة اللحوم بعد ارتفاع أسعارها بنسبة 43 بالمئة. فقد ارتفعت أسعار اللحوم بشكل كبير، حيث وصل سعر كيلوغرام لحم الضأن آنذاك إلى 500 جنيه مقارنة مع 350 جنيها خلال الأشهر الماضية.

وفي 2011م، أطلقت الجمعية السودانية لحماية المستهلك، أول حملة لمقاطعة اللحوم تحت شعار "الغالي متروك"، أعقبها عدد من حملات المقاطعة. وأكد الأمين العام للجمعية آنذاك ، ياسر ميرغني، ترحيبه بمبادرة مقاطعة السلع المرتفعة من أجل المساهمة في انخفاض أسعار السلع. وفي 2010م نفذت جمعية حماية المستهلك بمدينة عطبرة شمال السودان، حملة لمقاطعة اللحوم والبيض، بعد استمرار ارتفاع أسعارها.

سبحان الله! تُقاطع اللحوم في بلد مثل السودان، وهو يُعَدّ من أغنى البلاد من حيث امتلاك الثروة الحيوانية في أفريقيا، بل ومن أكبر المصدرين للحوم! فقد أورد موقع العربي الجديد في 8 أيلول/سبتمبر 2019: (تشير التقديرات إلى أن السودان يملك أكثر من 110 ملايين رأس من الماشية، منها ما لا يقل عن 30 مليون رأس من الضأن، في مساحات شاسعة من المراعي الطبيعية وموارد المياه، ويضع الاقتصاد السوداني آمالا كبيرة على قطاع الصادرات، كأحد روافد النقد الأجنبي الشحيح، والذي تسبب في هبوط حاد في العملة المحلية. وعلى الرغم من عدم الاهتمام الحكومي، إلا أن هذا القطاع يساهم بحوالي 20 في المائة من إجمالي الناتج القومي و52 بالمائة من جملة ناتج القطاع الزراعي، حسب الإحصائيات الرسمية).

وجاء في تقرير آخر في موقع فرانس برس في كانون الثاني/يناير 2021 أعده أشرف شاذلي: (أبان وزير الثروة الحيوانية السوداني، عادل فرح إدريس، في تصريحات صحافية، أخيراً، اهتمام السودان وحرصه الكبير على صحة الإنسان والحيوان وتنفيذ كافة الاشتراطات الصحية وفق المنظمة العالمية لصحة الحيوان وأعلن عن وجود ما يقارب 400 ألف رأس من الضأن بالمحاجر السودانية، تم تحجيرها لفترة قاربت 4 أشهر دون ظهور أعراض مرضية، ما يؤكد خلوها من كل الأمراض الوبائية). إذاً المشكلة ليست في ندرة اللحوم.

والمشاهد المحسوس أن هذه المقاطعات للحوم لا تسمن ولا تغني من جوع، ففي 2019 كان سعر كيلو اللحم 350 جنيهاً، أما الآن فصار سعره 2500 جنيه، وهذا يدل على الفشل الذريع لسلاح المقاطعة وزيادات في الأسعار بصورة جنونية. إن اللحوم هي سلعة كباقي السلع التي زاد سعرها فهناك زيادات عجيبة على أسعار السلع فربما في بعض السلع بلغ 400%، واللحوم من هذه السلع التي زادت زيادة جنونية في هذا النظام الذي يبحث عن المال في كل مكان بسبب الضرائب التي تفرضها الدولة، فهي ضرائب أقل ما توصف بأنها فوق الباهظة، وهذا هو ديدن النظام الرأسمالي الذي همّه ومبلغ علمه جمع المال.

وقد أنشئت نقاط التفتيش لتحصيل الضرائب من المواشي ومن كل سلعة تأتي من الأقاليم. وضريبة القطعان التي تؤخذ بالقوة من صاحب المواشي وأيضا تكلفة الترحيل، وغلاء العلف ورسوم المسالخ، كل هذه التكاليف زائدا عليها الضرائب تضاف لسعر الماشية فيصبح سعرها خرافياً. نعم، رسوم وضرائب ما أنزل الله بها من سلطان، وتطبيق النظام الرأسمالي الجائر الذي يعتبر الضرائب والرسوم عموده الفقري فزادت أسعار السلع وعجز الناس عن اقتنائها.

إن المقاطعة ليست حلا لمشكلة الغلاء الذي يزول بزوال المسبب له وهو النظام الرأسمالي الجائر. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». إن الإسلام يحرم الضرائب وكل ما هو سبب لغلاء الأسعار، عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي مُعْظَمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فالحل هو في استئصال هذا النظام الرأسمالي الظالم من شأفته، وإقامة نظام الخلافة الذي يقوم على إحسان رعاية شؤون الناس، وتوفير الحاجات وجعلها في متناول يد الجميع.

بقلم: الأستاذ عبد الخالق عبدون علي

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

No comments:

Post a Comment