Wednesday, March 24, 2021

جريدة الراية: ما وراء التصعيد الأخير في اليمن؟

 جريدة الراية: ما وراء التصعيد الأخير في اليمن؟

 

  11 من شـعبان 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 24 آذار/مارس 2021مـ

تصاعدت الحرب في محافظة تعز وحجة مؤخرا بين ما تسمى شرعية هادي والمليشيات الحوثية، حيث واصلت قوات حكومة هادي، يوم الأحد 14 آذار/مارس، تقدمها الميداني في محافظة حجة، واستولت على عشر قرى تقريبا (شمال غرب اليمن)، جاء ذلك وسط انهيارات كبيرة في صفوف مليشيات الحوثي.

وفي محافظة تعز أحرزت قوات حكومة هادي يوم الاثنين 15/3/2021م تقدمات جديدة في جبهة مقبنة بالريف الغربي لمحافظة تعز. وبحسب وكالة "سبأ" الرسمية فإن مواجهات عنيفة دارت بين قوات الحكومة وجماعة الحوثي تمكنت من خلالها قوات هادي من إحراز تقدمات والسيطرة على تبه الزنبيل، وتبه عاطف، وتبه عطروش.

لقد جاء إشعال هذه الجبهات بالتزامن مع اشتعال المعارك في محافظة مأرب والتي يحاول الحوثيون السيطرة عليها منذ أكثر من عام، وكل محاولاتهم باءت بالفشل.

إن ما يجري في اليمن ليس حربا يقرر مسارها ومصيرها الأطراف المتقاتلة المحلية أو الإقليمية، بل إنها حرب بالوكالة. والمؤكد فيها أن كلا من السعودية والحوثيين لا يتقاتلان لينتصر أحدهما على الآخر، فلو كانت أمريكا وتحت مسمى التحالف تريد أن تقضي ومن معها على الحوثيين لتم لها ذلك خلال أشهر.

ولكن لم يكن هدف أمريكا من الحرب القضاء على الحوثيين، ولا دعم ما تسمى بحكومة هادي، وإنما أرادت أن تكون حرب سجال ومناوشات تبرز الحوثيين كقوة فاعلة في اليمن وطرف لا يمكن هزيمته، لذلك طالت الحرب لست سنوات، وها هي ستدخل عامها السابع.

إن الهدف من الحرب وكما يبدو واضحا للعيان هو إنقاذ الحوثيين ونقلهم من أقلية انقلابية مرفوضة، إلى قوة تهدد أمن المنطقة وتضرب حيث تشاء في السعودية وتطرد نفوذ بريطانيا المتمثل بهادي وزمرته المجرمة في اليمن ليحل محلها نفوذ أمريكا. ولا أدل على ذلك من رفع بايدن للحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية، وأيضا رعاية الأمم المتحدة لهم وتقديمها المساعدات تحت عناوين إنسانية، ولقاء الحوثيين مع وفد أمريكي في عُمان الأسبوع الماضي يؤكد علاقتهم الوثيقة بأمريكا، وقد بدأ يظهر للعلن بعدما كان من وراء ستار.

إن اليمن كان تحت النفوذ الإنجليزي طوال فترة الهالك علي صالح فأرادت أمريكا مزاحمة بريطانيا من خلال دعم الحوثيين عن طريق إيران وتبنيهم، وإدخال السعودية لتعويمهم. لذلك فإن هذه الحرب هي لعبة قذرة بين أمريكا وبريطانيا عبر أدواتهما المحلية والإقليمية ولن يكون فيها غالب ومغلوب.

إن هذه الحرب القذرة وتصعيدها في هذه الآونة قام بها عملاء بريطانيا بإشعال جبهتي حجة وتعز لتنقذ مأرب النفطية من براثن الحوثيين، ولكن ضعف موقف بريطانيا الدولي أمام قوة أمريكا ألقى بظلاله على ضعف عملائها الكثيرين في اليمن والمنطقة، فبريطانيا لا تستطيع الوقوف أمام أمريكا حتى عن طريق عملائها، وبالرغم من كثرتهم ولكنهم أذلاء.

والآن أمريكا تعمل جاهدة للسيطرة على اليمن وهذا ليس غريبا عليها، فهي التي أخذت النفوذ في العراق من بريطانيا ثم سلمته للجماعات المرتبطة بإيران وأعطت الأخيرة تفويضا بإدارة شؤونه فدمرته. والصراع على اليمن محتدم بسبب موقعه وثروته وعقيدة أبنائه، اليمن البلد الذي كان سعيداً في ظل حكم الإسلام وكونه جزءا من أمة عظيمة هي الأمة الإسلامية أصبح شقيا منذ دخل الكفار عليه وأوصلوا عملاءهم من أهل البلد ليحكموا الناس بغير ما أنزل الله.

لقد أعلنت أمريكا قبل أيام أنها تريد الحل السياسي وجاء ذلك مع التصعيد في تعز وحجة ومأرب، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، يوم الأحد، "إن الوزير أنتوني بلينكن أبلغ مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن غريفيث أن واشنطن تخطط لتنشيط الجهود الدبلوماسية، بالتعاون مع الأمم المتحدة وغيرها، لإنهاء الحرب في اليمن". وأضاف المتحدث نيد برايس في بيان، "لقد أكد أن الولايات المتحدة تدعم يمنا موحدا ومستقرا وخاليا من النفوذ الأجنبي وأنه لا يوجد حل عسكري للصراع".

وفي الصدد ذاته، قال وزير الخارجية الأمريكي على حسابه بتويتر، إنه عبر في مكالمة مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عن قلق واشنطن تجاه النزاع في اليمن.

وفي وقت سابق، أعلن المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، "تقديم خطة لوقف إطلاق النار إلى قيادة الحوثيين". مؤكدا أنه "سيعود إلى المنطقة على الفور حينما يكون الحوثيون مستعدين للمفاوضات" حسب تعبيره. (الاثنين 15/3/2021م فارسي).

وكما يبدو فإن هذا التصعيد ليس هو للحسم وإنما للتحريك والدفع لبدء المفاوضات بعدما خافت أمريكا على عملائها فسارعت لإنقاذهم بعد إشعال عدة جبهات، وليس بمقدور الحوثيين القتال في عدة جبهات مثلما عملت لإنقاذهم في 2018م في الحديدة عندما تقدم عملاء بريطانيا فضغطوا على هادي للموافقة على مؤتمر السويد وإقرار ما صدر عنه.

السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سيظل أهل اليمن وقودا لهذه الحرب التي ليس لهم فيها ناقة ولا جمل؟ وكيف يرضى أهل الإيمان والحكمة من أتباع محمد أن يعبث الكفار وعملاؤهم بمصير بلادهم ويسفكون دماءهم؟!

يا أهلنا في اليمن: إنه لا حل لكم إلا بتحكيم شرع الله والعمل مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. فمتى يتحرك المخلصون من أهل القوة والمنعة لنصرة دينهم وأمتهم فيقطعوا دابر المستعمرين، ويعيدوا السلطان للأمة، فتحيا كما أراد الله لها؛ أمة عزيزة مرهوبة الجانب، تقيم الحق والعدل في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؟

بقلم: الأستاذ سليمان المهاجري – ولاية اليمن

No comments:

Post a Comment